كان مالك الأشتر ضخم الجثة طويل القامة يرتدي قميصا وعمة، قد طبعت الحرب على وجهه آثارها وعلّمته بعلائمها وحكت عن بطولاته في ميادينها بتقاسيم وجهه. بينما كان يمشي ذات يوم في سوق الكوفة وإذا بأحد السوقة تحدثه نفسه بالازدراء به والاستهزاء بزيّه فرماه ببندقة. وبدون أن يعيره الأشتر التفاتا واصل السير حتى توارى عن الأنظار.
عندها قيل للسوقي: ويحك أتعرف من رميت؟
- لا، لم أعرفه، عابر مثل آلاف المارة.
- انه مالك الأشتر النخعي صاحب أمير المؤمنين عليه السلام وقائد جيشه.
- أهذا هو مالك الذي ترتعد فرائص الأسد خوفا منه ويرتجف العدو من اسمه؟
- نعم هو بعينه.
فهرول الرجل من ساعته راكضا خلف مالك ليعتذر إليه عما بدر منه، إلا أن مالكا كان قد دخل أحد المساجد، فلما وصل الرجل وجده قائما يصلي، فلما انتهى من صلاته انكب الرجل على قدميه يقبلهما. فقال له مالك ، ما هذا؟
- اعتذر إليك عما صدر مني، أنا الذي استهزأت بك وتجرأت عليك.
-لا بأس عليك، فوالله ما دخلت المسجد إلا لاستغفرن لك1.
*قصص الأبرار، الشيخ مرتضى مطهري،التعارف،ص38-40.
1- سفينة البحار مادة شتر ص686.
بتوقيت بيروت