X
جديد الموقع
حزب الله يهنئ الشعب الفلسطيني على كسر قيود الاحتلال عن المسجد الأقصى المبارك
حزب الله: ما قام به أبناء عائلة الجبارين في القدس درس لأحرار الأمة..
الإمام الخامنئي: الجرائم بحق الشعب الايراني لن تزيده إلا كرهاً للادارة الأميركية وأذنابها بالمنطقة كالسعودية
بيان صادر عن حزب الله تعليقاً على اقتحام النظام البحراني لمنزل آية الله الشيخ عيسى قاسم
حزب الله يدين بأشد العبارات : الحكم ضد آية الله الشيخ عيسى قاسم جريمة
السيد حسن نصر الله يهنئ الشيخ روحاني بإعادة انتخابه رئيسا للجمهورية الاسلامية

مقاومتنا :: أخي الشهيد.. ذاكرتي أنت والشهداء

img

14 آب 2006. أذكر هذا التاريخ جيداَ. يتجسد أمامي على شكل الفرح. حاولت كثيراً أن أحصي عدد الإبتسامات في وجوه أقاربي ذلك اليوم لكنني لم أستطع. مشهد واحد لا يغيب عن ذاكرتي، بكى جدي كثيراً على عدد ابتسامته، لم يكن يصدّق أننا انتصرنا وكسرنا صورة العدو الذي لا يُقهر.

لم يعش جدي جيل الإنتصارات. عمر الرجل الثمانيني من عمر الهزائم والإتفاقات مع إسرائيل والحروب الأهلية والصراعات. عمره من عمر الإحتلال والتهجير والإستسلام. عام 2000 وقف جدي على حدود فلسطين، من أعلى تلة في مارون الرأس وبكى أيضاً. كان حلماً أن يرى ما رآه.

أذكر أن والدتي كانت تجمع كل أشكال الفراق التي تراكمت بحجم المسافة التي تفصلها عن والدي وأخي محمد. أرادت أن تصل إليهما قبل أن تحجب الشمس ضوءها فتضيع على أمي ملامحهما. قادت أمي سيارتها فوق الدمار ووسط مشهد الجموع المتسابقة للوصول إلى منازلها. كنا بينهم، وأنا أراقب وجوه الناس، أحاول أن أحفظ صوت ضحكاتهم للتاريخ.

ليوم لم يبق في أذني سوى ضحكة محمد. كل ما جمعته في طريق العودة اختصرته ضحكة أخي الشهيد وهو يرفع راية النصر في كل شوارع قريتنا. كان سعيداً جداً، كمن يُحيك بداية نصره الأكبر يوم سيرتفع بشهادته.

كان وجه محمد عام 2006 يرسم معالم شبابه. لم تكن لحيته قد رسمت كل طريقها على أطراف وجهه الهادئ، لكن طريق جهاده كان واضحاً بكل تفاصيله. محمد كان مقاوماً في حرب تموز، سهر على حماية أبناء وطنه ولم تنم عيناه الجميلتان.

 


 

كل شيء هنا يعيدنا إلى محمد. الحرب والنصر والجهاد والتضحية والشهادة. ثلاثة وثلاثون يوماً من الحرب فيها الكثير عن محمد. تغيّر علينا قليلاً بعد الحرب. شعرت به صار رجلاً. تجاوز مرحلة الشباب قبل أن تكتمل لحيته.

اليوم وصلني شعور عوائل شهداء حرب تموز. عام 2006 رأيت صورهم تتناقلها وسائل الإعلام وتتحدث عن بطولاتهم. لم أكن أعلم ماذا يترك الشهيد في أهله إلا منذ أشهر قليلة. إحتجت إلى تسعة أعوام لأجيب عن سؤالي: كيف يعيش عوائل الشهداء بعد ارتقاء أبنائهم ؟  بعزّة.

اليوم أسأل: كيف حالنا بعد غياب محمد تسعة أعوام عن حياتنا؟ لا أملك الإجابة الآن، لكنني سأكتفي بالنظر إلى وجوه أمهات شهداء حرب تموز وقد حفرت إبتسامات الشرف معالم وجوههن، لأُطمئن نفسي أن عدد السنين لن يغير شيئاً سوى حجم الكرامة التي سترتفع أكثر، وشكل الشوق الذي سيتمدّد إلى حدود القلب.

سأكتفي اليوم بالنظر إلى وجه جدي الذي وقف أمام نعش حفيده منذ شهرين، وراح يوزّع الفرح على قلوب القادمين، يرفع عن ذاكرته ثقل العار المتراكم على مدى العقود الماضية ويستأنس بشعور الفخر الذي تكوّن من دماء محمد. في الواقع كان أكثر من استئناس، كان كطير تعلم التحليق حديثاً واكتشف معنى حقيقة الحياة. جد الشهيد بات اليوم شاهداً على معنى الكرامة، رسمها حفيده في جيل جديد لا يعرف إلا النصر أو الشهادة.

يا محمد، علمتنا بشهادتك أن يصبح كل المكان والزمان أنتم . لأنكم أنتم صنعتم لنا الأمكنة والأزمنة، ولولا دمائكم لما كتبنا عن كل هذه الإنتصارات. شكراً لكم على الخامس والعشرين من أيار، شكراً لكم على الرابع عشر من آب، شكراً لكم على كل التواريخ المشرفة التي تسجلونها اليوم على حدود هذا الوطن وأوسع.

14 آب 2006: ذاكرتي أنت والشهداء.

زهراء جوني

موقع العهد

تعليقات الزوار


مواقيت الصلاة

بتوقيت بيروت

الفجر
5:32
الشروق
6:44
الظهر
12:23
العصر
15:34
المغرب
18:18
العشاء
19:09